السبت، 3 يناير 2015

فضيحة التسريبات من مكتب السيسي تهز أركان النظام



القاهرة – “القدس العربي»: أثارت المقاطع الصوتية المسربة من مكتب وزير الدفاع السابق، ورئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي خلال الأيام الماضية ردود أفعال سياسية وحقوقية واسعة وسط تعتيم من وسائل الإعلام الرسمية والمحلية المؤيدة للنظام، كما أشعلت موجة من الغضب والسخرية بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وأبطال هذه المقاطع نائب وزير الدفاع، والمستشار القانوني للمجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين، ومدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، في حوار بينهما حول قضية سيارة الترحيلات الشهيرة، التي مات على إثرها 37 شاباً من معارضي الانقلاب خنقاً، عقب فض اعتصامي “رابعة» و»النهضة» بأربعة أيام. كما شهدت حوارات بين اللواء عباس كامل والنائب العام واللواء محمود حجــــازي رئيـــس الأركان الحالي كشفت طلب الكاتب محمد حسنين هيــــكل من مكتب السيسي التدخل لإلغاء قـــرار بحظر سفر نجله حسن بسبب إتهامه مع جمال وعلاء مبــــارك في قضية التلاعب بالبورصة.
وحسب مراقبين، أثبت التسريب الصوتي إدارة السيسي لكافة الأمور في مصر عقب 30 حزيران/يونيو، على الرغم من وجود رئيس مؤقت للبلاد وهو المستشار عدلي منصور، وذلك عندما طلب شاهين من عباس توقيع السيسي على عدة قوانين مقترحة سيقدمها لمجلس الوزراء في اليوم التالي.
واعتبروا ان أخطر ما في التسريب هو طلب عباس من شاهين إقناع القاضي الذي ينظر قضية سيارة الترحيلات بالسماح لدفاع المتهمين بتقديم شهود يدعمون موقف أحد المتهمين، وهو الضابط إسلام عبد الفتاح حلمي السيد، وهو ابن العميد عبد الفتاح حلمي السيد أحد قيادات الجيش، وصديق أبطال التسريب وبررها عباس بقوله: “ما تشوف يا أفندم القضية بتاعة الكام وتلاتين واحد اللي ماتوا دول.. اللي كانوا في عربية الأمن المركزي دي.. كانوا طالبين شهادة ناس زمايله والقاضي مش راضي.. الواد هيموت» ورد عليه شاهين: “أنا هكلم له القاضي.. هجيبهم له.. لا حاضر»، والحوار يثبت تسييس القضاء المصري، واستخدامه في تصفية الحسابات مع المعارضين.


تعتبر مأساة


ومن جانبه قال الخبير القانوني والدبلوماسي السفير إبراهيم يسري بشأن تقييمه لهذه التسريبات وأثرها على مبدأ فصل السلطات في تصريحات خاصة لـ “القدس العــربي» “تعتبر تسريبات مكتب السيسي الخاصة بســيارة الترحيلات مأساة، لأننا فقدنا عددا كبيرا من الشــباب منهم الطبيب والمهندس والطالب، ومصر في حاجــة لهم، فلماذا تم قتلهم بهذه الطريقة البشعة؟ والأخطر من هذا انه لم تتم معاقبة الجناة، ولا يوجد لهذا تأثير على مبدأ فصل السلطات لان مصر ليس بها سلطات ولا قانون».
وأضاف “أما بالنسبة للتسريبات الخاصة بنجل الكاتب محمد حسنين هيكل فتعتبر فضيحة كبرى وتكشف عن وجود فساد متحالف مع النظام، وهذا يعد شيئا في منتهى الخطورة، ونحن نطالب الحكومة بأن تقول لنا كيف حدثت تلك التسريبات لان هناك تفسيرات متعددة وجدلا كبيرا بشأن تلك التسريبات، ويجب على الحكومة ان تؤكد للمواطنين صحة أو عدم صحة تلك التسريبات فإذا كانت خاطئة تقول انها مزيفة وإذا كانت صحيحة فعليها ان تُحاكم وتعاقب المتهمين في تلك القضية، ولكن هذا السكوت غريب».
قتل خطأ وليس جناية


ومن جانبه، أكد المحامي منتصر الزيات في تصريحات صحافية تورط النائب العام في تكييف القضية على أنها جنحة قتل خطأ وليس جناية قتل عمد وأكد التفرقة الواضحة في التعامل مع القضايا، وذكر بواقعة مماثلة، عندما تم اختطاف ضابط في اعتصام رابعة، والذي قامت الدنيا ولم تقعد من أجله، وأكد أن السبب الحقيقي يكمن في أنه ابن مدير مباحث الجيزة.
أما الدكتور أيمن نور فأكد عدم وجود علاقة بين إقالة اللواء التهامي مدير المخابرات العامة وقضية التسريبات، والدليل استمرارها في الظهور ورأى أن من الأحرى محاكمة مرتكبي الجرائم قبل محاولة إقصاء المشتبه في تقصيرهم من الأجهزة الأمنية. وأكد نور صحة التسريبات، لتأكده من صوت اللواء ممدوح شاهين، ومعرفته الشخصية بصاحب الصوت، وطالب بمحاكمة شاهين لتدخله في الشأن القضائي باعترافه. وتهكم الحقوقي جمال عيد على التسريبات قائلاً: “لن أعلق على التسريبات، إلا بعد سماع رأي حازم عبد العظيم ولميس الحديدي وأحمد موسى ومعتز عبد الفتاح وخالد أبو بكر، دول قدوة، ناديهم يا هاني» وتابع: “أي خدمة إحنا في التزوير متقلقش – أصل دي تعتبر رشوة – حكلم لك القاضي» وتابع “لا تقل أحسن من سوريا والعراق، إحنا عدينا بشار وصدام».
أما المستشار وليد شرابي فعلق ساخرا “نداء إلى السيد اللواء ممدوح شاهين: اليوم صدر ضدي حكم بالحبس سنة من محكمة مصر الجديدة، من فضلك كلم لي القاضي». وسخر الشيخ عصام تليمة من تعمد استماع عباس وشاهين للقرآن في خلفية التسريب قائلاً: “عباس كامل مشغل قرآن، ربنا يقوي إيمانك».
وأعتبر الكاتب الصحافي، أحمد حسن الشرقاوي ، منسق حركة “صحافيون ضد الانقلاب»»هذه التسريبات تعتبر تهديدا بغلق السفارات».
وعلق الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، على ما بثته قناة “الشرق» الفضائية، وورد بها حديث عن طلب الكاتب “محمد حسنين هيكل» التدخل برفع اسم ابنه حسن من قوائم المطار، وإمكانية تبرئته من إحدى القضايا قائلًا: “هل سيظهر هيكل واعظًا مرة أخرى بعد فضائح التسريبات أم لا؟». وأضاف الزمر، في تغريدة دونها على صفحته الشخصية “فضائح تسريبات مكتب السيسي لا تلوث العصابة التي تحكم وحدها، وإنما تلوث كل من تعامل معها في الداخل أو الخارج».


إقالة رئيس المخابرات


وقال اللواء عبد السلام شحاتة، الخبير الأمني ، في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي» هناك سؤال حاسم في هذه القضية، لماذا اقال السيسي رئيس المخابرات السابق محمد فريد التهامي؟ وتأتي التسريبات لكي تجيب لنا عن هذا السؤال، فهذه التسريبات هي السبب الرئيسي والمباشر لإقالة رئيس المخابرات، مما يؤكد صحة وسلامة تلك التسريبات».
وأكد “ان تلك التسريبات ليس لها أي تأثير على الدولة المصرية، لان قلة قليلة من الشعب هي التي تفكر ولديها وعي بهذا الكلام ولكن باقي الشعب لا يهتم بتلك الأشياء فلديه اهتمامات أخرى فهو يفكر كيف سيجد العيش والطعام» وأضاف “علاقة مصر بالدول الأخرى لن تتأثر لان ليس هناك دولة تنظر إلى مصر إلا من خلال المصلحة المشتركة، فأي علاقة لدولة مع دولة أخرى مبنية على المصالح فقط».
وقال الدكتور نبيل مصطفى خليل، استاذ القانون في أكاديمية الشرطة، في تصريحات خاصة لـ»القدس العربي» “بالنسبة للقيمة القانونية لتسريبات مكتب السيسي فهي لا يعتد بها، لانه من الناحية القانونية هذه التسريبات غير معترف بها وطريقة عرض هذه التسريبات غير قانونية أيضا، ومن ثم فلا يترتب عليه أي آثار قانونية سليمة».
وأضاف “لا يصح ان تؤكد الحكومة صحة أو خطأ تلك التسريبات لانها سوف تعطيها أكبر من حجمها وربما تؤكد تصريحات الحكومة للبعض ان تلك التصريحات صحيحة ويثبت ان الحكومة تعترف بها ضمنيا على الأقل، فعلى الحكومة ان تتجاهل التسريبات تماما بإعتبار انها غير صادرة من جهة رسمية مؤكدة». وأكد “ان تلك التصريحات لا تؤثر على علاقة مصر بالدول الأخرى لأنه لم يتم عرضها في منتدى دولي وليس لتلك التسريبات أي دليل إثبات أو إدانة وليس لها أي حجة قانونية ولكن هدفها هو التعتيم والتشويش على الرأي العام وتنقل صورة خاطئة للرأي العام حتى يتخذ موقفا معينا من السلطة والنظام القائم».


كثرة التسريبات أسقطت أهميتها


وقال الدكتور سرحان سليمان، الباحث والمحلل السياسي، لـ»القدس العربي» “هناك تضخيم كبير جدا في تأثير تلك التسريبات على الدولة لان كثرة تلك التسريبات أسقطت أهميتها، ولابد من البحث عن المصدر الحقيقي لتلك التسريبات، وإذ كانت تلك التسريبات صحيحة فهذا يعني تكسير من حول السيسي وأولهم القضاة لان تلك التسريبات تطول جميع أجهزة الدولة المؤثرة على السلطة وهذه التسريبات ليس لها أي تأثير على الرئيس السيسي». وأضاف “ان علاقة مصر لن تتأثر بالدول الأخرى، لان ما يهم الدول الأخرى والغرب بصفة خاصة ان يكون القضاء في مصر عادل وشامخ بغض النظر عن الحياة الشخصية لقضاة مصر، والحكومة ليس في اهتمامها ان تؤكد أو تنفي هذا الخبر». قال الدكتور محمود كبيش، عميد كلية حقوق القاهرة لـ”القدس العربي» “ليس لتلك التسريبات أي قيمة قانونية، لان الوسائل التكنولوجية الحديثة يتم عن طريقها تسريب تسجيلات لا تُطابق الحقيقة، ولو كانت حقيقية فلا يعتد بها نهائيا لانه تم الحصول عليها وتسريبها بطريقة غير مشروعة ولو فُرض جدلا انها حقيقية فعلى من ثُبت عليه انه أجرى تلك التسريبات أو قدمها لأي جهة أو ساعد في نشرها ان يُقدم للمساءلة القانونية والجنائية لانه ساعد في انتشار معلومات غير صحيحة تضر بمصالح مصر».


اعتداء على القانون


وقال الدكتور السيد أبو الخير أستاذ القانون الدولي “إن التسريبات التي أذاعتها قناة الشرق تدل على وجود صراع بين قادة الانقلاب والأجهزة السيادية» لافتا إلى أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي كان وقتها وزيرًا للدفاع، وكان المستشار عدلي منصور هو الرئيس المؤقت الذى يملك السلطتين التشريعية والتنفيذية، لذلك كان يجب ان يوقع على القانونين وليس وزير الدفاع.
وأضاف “من الناحية القانونية هذا التسريب يمثل اعتداءً صارخًا على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا المبدأ من المبادئ العامة والقواعد الآمرة في القانون الدستوري لا يمكن مخالفتها» منوها إلى أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأيضا للقانون الدولي الإنساني، وأيضًا تمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ استقلالية القضاء، وهو مبدأ عام وقاعدة آمرة أيضا في القانون الدستوري لا يمكن مخالفته “. وتابع: “التوسط لدى القضاء جريمة في قانون العقوبات المصري، عقوبتها تصل لستة أشهر سجنا وغرامة مالية».



فضيحة التسريبات من مكتب السيسي تهز أركان النظام

شبكة نبض اونلاين
www.nabdon.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق