الاثنين، 29 سبتمبر 2014

تحذيرات من مخاطر العمليات العسكرية على الأمن الغذائي العراقي



بغداد ـ “القدس العربي» تتصاعد تحذيرات الخبراء في العراق والمنظمات الدولية من خطورة تأثير الاعمال المسلحة والعنف والاهمال الحكومي على الأمن الغذائي في العراق . وحذر الخبير الاقتصادي ماجد الصوري من تدهور الأمن الغذائي في العراق نتيجة العمليات العسكرية في المحافظات، داعيا الى ايقاف النزيف في هدر المال وتبني نظرة شاملة للأمن الغذائي .
وقال في لقاء متلفز ان أهم اسباب تدهور الأمن الغذائي في العراق مؤخرا متعددة أهمها العمليات العسكرية والمعارك في محافظات تعتبر مهمة في توفير الأمن الغذائي كالموصل والأنبار وصلاح الدين، حيث أدت المعارك والتهجير الى ترك الكثير من المزارعين اراضيهم قبل موسم الحصاد، كما أن انخفاض الانتاج الغذائي يعود لعدم وجود نظرة شاملة للأمن الغذائي وغياب التوجه الحقيقي للتنمية الغذائية وخاصة بعد 2003 مما أدى الى تدهور الانتاج المحلي والاقتصادي.
كما اعتبر الخبير الصوري ان تعطل تمرير ميزانية 2014 حتى الآن اوقف الانفاق على المجالات الزراعية وعطل مشاريعها وأتاح المجال للحكومة لصرف الأموال دون رقابة وفي مجالات بعيدة عن التنمية الغذائية، منوها الى أن الفساد في أجهزة الدولة ساهم في اضعاف المنتج المحلي من خلال تركيز الدولة على استيراد الغذاء من الخارج الذي بلغت تكاليفه أكثر من 75 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة حيث توجد مصالح لجماعات محلية وأجنبية في استيراد الغذاء والعزوف عن تنمية الانتاج المحلي .
وأكد أيضا ان العراق يستطيع خلال فترة قصيرة ان يقفز الى مصاف الدول المتقدمة في الانتاج الغذائي اذا توفرت الادارة الصحيحة للبلد وموارده، منوها الى أن التنمية الغذائية هي عملية متكاملة تستند الى عدة عوامل يتوفر معظمها في العراق .
وذكر الخبير عماد علو ان تفاقم الصراعات الطائفية العنيفة في مناطق العراق المختلفة التي اندلعت في اعقاب الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003، وما أدى ذلك الصراع من خلل وتمزق في النسيج الاجتماعي العراقي اتاح الفرصة لعصابات ارهابية (داعش) من اغتصاب اراض واسعة من العراق تقدر بثلث مساحة العراق معظمها اراض زراعية ومراع ومدن وقرى تنتج العديد من المحاصيل الزراعية والحيوانية . لذلك فالمقدر أن تزعزع حالة الأمن المدني السائدة وما يرتبط بذلك من مشكلات صعوبة الوصول، ونقص الأيدي العاملة، والاضطرابات في النقل والتسويق سيؤثر بقوة في الحصاد والإنتاج المحلي والعرض، وبالتالي على الامن الغذائي العراقي .
وأضاف “وبالنظر إلى خفض الكميات المتوافرة من الأغذية الأساسية مثل القمح، فإن وصول العديد من الأسر والعائلات الفقيرة والنازحين قسرا من مناطقهم التي باتت تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي ، إلى الغذاء سيتدهور هو الآخر، حسب منظمة الأغذية والزراعة(الفاو) وان السكان الأكثر ضعفا لن يكون بإمكانهم الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية وغيرها من المنتجات الأساسية على الرغم من مساعدات الحكومة .
و يشير علو الى ان التقارير نبهت أيضاً إلى استنزاف احتياطيات الحبوب في محافظتي نينوى وصلاح الدين، كما يتجه مستوى الأغذية المتاحة عبر نظام التوزيع العام إلى التراجع بسرعة كبيرة. ويمثل هذا النظام المصدر الرئيسي للغذاء في حالة أفقر العراقيين، إذ يزودهم بسلع مدعومة الأسعار من الأرز، ودقيق القمح، والزيت، والسكر، وحليب الرضع.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو» قد حذرت في آخر تقاريرها حول الوضع الغذائي في العراق إلى أنّه الآن ثمة ما يتجاوز مليون شخص فروا من سكناهم ومزارعهم منذ كانون الثاني (يناير) 2014 تاركين أعمالهم وممتلكاتهم في وقت كان موسم الحصاد الرئيس لمحصولي القمح والشعير على بدايته.
ووفقاً لإنذار أصدره النظام العالمي للإعلام والإنذار المبكر لدى منظمة (الفاو) انه نتيجة التطورات الانسانية الخطيرة الناجمة عن الصراعات العنيفة في العراق، فإن توقعات المحاصيل المواتية في العراق لعام 2014 باتت في خطر الآن.
وأوضحت (الفاو) انه قبيل الأزمة الراهنة حدت وفرة الأمطار توقعات تفوق المتوسط لحصاد القمح بما يبلغ في المجموع ثلاثة ملايين طن للعام الجاري، أي فوق متوسط السنوات الخمس الماضية بنحو 16 بالمئة. وكان من المتوقع أيضاً أن يبلغ محصول الشعير 900000 طن، أي 15 بالمئة فوق متوسط السنوات الخمس الأخيرة ، الا أن ما حصل من تطورات ميدانية بعد 10/6/2014 واشتراك المحافظات الأشد تضرراً بالنزاع الحالي، وهي نينوى وصلاح الدين، في المتوسط بما يقرب من ثلث إنتاج القمح في العراق ونحو 38 بالمئة من محصول الشعير السنوي.
ووفقا للفاو، فإنه من المتوقع أن ترتفع متطلبات استيراد الحبوب للفترة 2014 – 2015 ، حيث تقدر واردات الحبوب بنحو 4.26 ملايين طن، بما في ذلك 2.7 مليون طن من القمح و1.3 مليون طن من الأرز.
ويتفق الخبراء إن غياب الأمن الغذائي أصبح أحد أهم نتائج الصراع في العراق، وفي الوقت ذاته يُسهم في نشوب جولات متكررة من النزاع المسلح في هذا البلد نتيجة التنافس للسيطرة على الموارد الطبيعية كالأرض أو الماء أو الحقول النفطية وغيرها من الموارد البيئية الأخرى.
خلاصة القول إن استمرار العنف والصراع مع الجماعات الارهابية سيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي؛ إذ يمكن أن تقل كمية الغذاء المتاحة بسبب هذه الصراعات، كما تقل قدرة الأفراد على الوصول إلى الطعام، فضلا عن الحد من فرص توفير الرعاية الصحية، وان استمرار العنف و الصراع مع الجماعات الارهابية سيؤثر سلبا على صحة الإنسان؛ فالصراعات تدفع السكان المتضررين إلى اعتماد استراتيجيات المواجهة والتكيف التي تعني التقليل من استهلاك الغذاء، وسوء التغذية يجعل الأفراد – من جميع الفئات العمرية- أكثر عرضة للمرض والموت.



تحذيرات من مخاطر العمليات العسكرية على الأمن الغذائي العراقي

شبكة نبض اونلاين
www.nabdon.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق